البدانة (السِّمْنَة)وتدبيرها
يقصد بالبدانة زيادة وزن الجسم عن الوزن المثالي على حساب النسيج الدهني . فإذا بلغت الزيادة 10% سميت الحالة بفرط الوزن ، وإذا بلغت 20 % فأكثر فهي بدانة وإذا بلغت أكثر من 40 % فهي بدانة مفرطة وخطرة يجب تخفيضها بجدية وتحت إشراف طبي مكثف .
تعتبر الزيادة 5% عن الحد الأعلى للوزن المثالي في بعض المجتمعات والثقافات ضرورية من أجمل الناحية الجمالية . فمثلاً من كان طوله 170 سم ، يكون الحد الأعلى لوزنه المثالي 70 كغ ، ويعتبر وزن 75 كغ أجمل دون تأثير صحي محسوس أو ذي قيمة .
هناك معياران أساسيان يمكن حسابهما لمعرفة حقيقة الوزن الحالي ومدى زيادته أو نقصه عن الوزن المثالي :
أولاً : مشعر كتلة الجسم BMI = Body Mass Index.
ثانياً : حساب نسبة محيط الخصر إلى الورك .WHR = Waist-to-Hip Ratio .
وهناك طرق سريرية أخرى كقياس ثخانة الجلد وبعض العيارات المخبرية للدسم ، والتشريحية المرضية بحساب عدد الخلايا الدهنية ، وبعض طرق حقن الملونات المشعة ..
ولكن الطريقتين المذكورتين آنفاً هي الأكثر استخداماً لسهولتهما ودقتهما .
طريقة تعيين مشعر كتلة الجسم BMI :
إذا اعتمدت حساب الطول بالأمتار فاحسب مشعر كتلة الجسم بقسمة الوزن مقدراً بالكيلو غرام على مربع الطول ( يمثل سطح الجسم ) مقدراً بالأمتار المربعة أي كغ/ م2 .
فمثلاً : إذا كان وزنك 80 كغ ، وطولك 1.80 م فيكون مشعر كتلة جسمك هو : BMI = 80 ÷ ( 1.8 × 1.8 ) = 24.69 كغ/م2 . وهو رقم طبيعي كما سنبين . أي أن وزنك مثالي في هذه الحالة .
ماذا تعني أرقام مشعر كتلة الجسم BMI ( ينقص هذا المشعر بمقدار 1.5 عند النساء )
الصنف مشعر كتلة الجسم BMI
نحافة *** 14- 18
نقص وزن *** 18.1- 21
وزن طبيعي *** 21.1 – 25.6
زيادة وزن *** 25.7 – 30.5
بدانة *** 30.6 - 40
بدانة مفرطة أكبر من *** 40
فإذا كان رقم نسبة BMI أقل من 25 بغض النظر عن السن فإنَّ خطورة حدوث الوفيات في أي مرض من الأمراض هي أقل ما يكون عند هؤلاء الأشخاص ( باستثناء التدخين لأنَّ ما يسببه من أمراض الصدر والسرطان لا يتعلق كثيراً بالوزن ) .وإذا كان رقم BMI بين 26 - 30 فإنه يعكس خطورة متوسطة لفرط الوزن ، (باستثناء وجود الداء السكري ، وارتفاع الضغط الشرياني ، وارتفاع الكولسترول ) . وإذا كان الرقم أعلى من 30 فالتشخيص هو البدانة ذات الخطورة العالية التي تتطلب العمل الجاد لإنقاصها.
(ملاجظة : إذا نزل الرقم إلى مادون 18 فإنَّ مخاطر النحافة تبرز واضحة مقابل مخاطر البدانة ).
طريقة حساب نسبة الخصر إلى الحوض WHR :
تحدد هذه النسبة ارتفاع كمية الدسم في الجسم وتعين طريقة توزعها .
يقاس محيط الخصر على مستوى السرة والبطن مرتخية ( بالإنش أو بالسنتمتر) ، ثم يقسم هذا الرقم على قياس محيط الورك في أوسع منطقة له ( بالإنش أو بالسنتمتر) . فإذا كانت النتيجة أعلى من 0.85 عند النساء ، و0.95 عند الرجال فهناك حالة من فرط الوزن أو البدانة مشحونة بالخطورة .
وأما الطريقة الواقعية التي تتناسب مع معظم مستويات الناس فهي حساب الوزن المثالي وفق قياس الطول ، فما زاد عن المتر فهو الحد الأعلى للوزن المثالي . فمثلاً : إذا كان الطول 175 سم فنحذف 100 سم ليبقى الرقم 75 ممثلاً مقدار الحد الأعلى للوزن المثالي فإذا كان وزن هذا الشخص 95 كغ فمعنى ذلك أن لديه 95 - 75 = 20 كغ وزناً زائداً ومعنى ذلك أن نسبة زيادة الوزن لديه
20÷ 75 = 27% . وهذه بدانة واضحة تستوجب المعالجة .
كيف تقاس ثخانة الجلد :
تقاس الثخانة الجلدية بوساطة مقياس مدرج يطبق بين حافتي الثنية الجلدية التي نحصرها بين السبابة والإبهام فوق منطقة العضلة ذات الرأسين ( منتصف العضد ) وثلاثية الرؤوس ، وفوق لوح الكتف ، وفوق الحرقفة على الخط الإبطي المتوسط ، فإذا تجاوز مجموع القياسات الأربعة 60 ملم كانت الحالة فرط وزن ، وإذا تجاوز القياس 80 ملم فهي بدانة .وهذه الطريقة هي المناسبة للأطفال ، وطبقت في بريطانيا بأخذ قياسين فقط ( فوق ثلاثية الرؤوس ، ولوح الكتف ) :
الحد الأعلى للطبيعي بمجموع القياسين = 20 ملم ، والحد الأدنى لفرط الوزن = 30 ملم ، والبدانة فوق 40 ملم .وأما عند الكهول فبأخذ قياس واحد ( فوق ثلاثية الرؤوس ): البدانة أكثر من( 23 ملم عند الرجال و30 ملم عند النساء )
أسباب البدانة :
البدانة بسبب زيادة الوارد :
وهي البدانة أو السِّمْنَة التي تحدث عند شخص طبيعي يتناول طعاماً أكثر من حاجة جسمه له . وتظهر عند ذوي المهن المكتبية كالموظفين والكتاب .. ممن يكون عملهم على الكرسي في أغلب يومهم دون حركة ، وهو في الواقع نمط الحياة الركون أو اللبود (الكسولة) sedentary life style .
وهناك أسباب هرمونية مرضية للبدانة
كازدياد إفراز الكورتيزون في الجسم أو زيادة تعاطيه دوائياً ( كما في متلازمة كوشنغ وتتلخص بالبدانة المركزية في الجذع والوجه البدري وفم السمكة وتوسعات شعرية في الوجنتين مه تورد فيهما ) ويجب تفريقه عن البدانة الطبيعية التي قد تتركز في البطن فقط بعد سن 25 سنة أو معممة إذا كانت قبل سن 25 سنة وبدون تورد وجه .
وحالات نقص الهرمون الدرقي ( نقص نشاط الدرق ) وتكون البدانة فيها مرافقة لفقر الدم مع بطء الكلام ، ووذمة الساقين المخاطية ، ولا تكون في هذه الحالات زيادة الوزن على حساب النسيج الدهني بل بسبب احتباس السوائل في حالة متلازمة كوشنغ ، و ازدياد ارتشاح مادة مخاطية بين الأنسجة الخلالية في حالة نقص نشاط الدرق ..
وهناك أسباب وراثية للبدانة كبعض حالات التخلف العقلي .. ودوائية كتناول الكورتيزون والسيبروهيبتادين والهرمونات البانية للنسيج العضلي (المرممات ) ..
ولقد اكتشفت حالياً مادتان كيماويتان ينتجهما الدماغ بشكل طبيعي لهما علاقة مباشرة في إحداث البدانة ، وقد يمكن في المستقبل القريب ضبط فرط الوزن و البدانة عن طريق السيطرة على إفرازهما وهما :
هرمون الغالانين Galanin الذي يزيد من شهية الإفراط في تناول الدسم مع الطعام .
وهرمون الإنتيروستاتين Enterostatin الذي يعاكس الأول و يثبطه ، فيقطع الرغبة في تناول الدسم . ولا يتدخل هذان الهرمونان في شأن السكريات والبروتينات .
وأما بالنسبة للمعالجة فتعالج كل حالة بحسب السبب الذي نتجت عنه .
وما يهمنا هنا هو فهم البدانة البسيطة التي تنجم عن تناول طاقة فائضة عن حاجة الجسم ، وطريقة تدبيرها .
كيف تتخلص من بدانتك ؟
أولاً : في المثال السابق إذا كان هذا الشخص ذكراً فإنه يحتاج طاقة أساسية بمقدار : 30 ك.كالوري / كغ × 75 = 2250 ك.كالوري يومياً .
فنلاحظ أن حساب الطاقة اليومية يتم وفق الوزن المثالي وليس الوزن الحالي . ثم توزع هذه الطاقة على الأنواع الغذائية الأساسية لتكون حمية متوازنة كما يلي : 20 % بروتينات ، 35 % دهون ، 45 % سكريات .
حساب البروتينات :
2250 × 20% = 450 ك.كالوري ، ولما كان كل 1غ بروتين يقدم 4 ك.كالوري فإن : 450÷ 4 = 112,5 غ بروتينات تقسم مناصفة بين البروتينات الحيوانية والبروتينات النباتية ( مشتقات الحبوب النجيلية والبقوليات ) .
حساب الدهون :
2250 × 35 % = 787,5 ك.كالوري ، ولما كان كل 1 غ من الدهون يقدم 9 ك.كالوري فإنَّ : 787.5 ÷ 9 = 87,5 غ يسمح منها بـ 9 غ على شكل دهون حيوانية والباقي على شكل دهون غير مشبعة وحيدة أو عديدة كزيت الزيتون والمازولا ودوار الشمس .
حساب الكربوهيدرات ( نشويات وسكريات ) :
2250 × 45 % = 1012.5 ك.كالوري ، ولما كان كل 1 غ من السكريات يقدم 4 ك.كالوري فإنَّ : 1012,5 ÷ 4 = 253.125 غ من النشويات يفضل أن تكون من السكريات المركبة ( الموجودة في الرز والبطاطا والبقول .. )
وبعد حساب الطاقة اللازمة يجب التشجيع على الإكثار من الخضار ذات الأوراق الخضراء الغنية بالألياف ، وتناول الألياف . والفاكهة القليلة السكريات كالبرقوق ( نوع من الخوخ )..
وأما الوجبات فيجب تقسيمها على ثلاث وجبات لكي لا يحدث الجوع فيفرط الشخص في تناول الطعام في الوجبة التالية . وإنَّ هذه الطاقة تكفي حاجة الجسم الأساسية ، ويقوم الجهد بحرق الفائض الدهني من الوزن حتى يعود الوزن إلى المقدار المثالي . ثم يراقب الوزن فإن استمر بالهبوط فيجب إضافة الاحتياج اليومي اللازم للجهد المبذول حتى يعود إلى الوزن المقرر ويستقر عليه.
(ملاحظة : لإنقاص وزن الجسم بمقدار 1 كغ يجب إنقاص الراتب الغذائي 500 ك.كالوري يومياً لمدة أسبوعين . أو حرق 500 ك.كالوري يومياً ( بالرياضة أو المشي الشديد أو الركض ) مدة 15 يوماً . ويمكن إنقاص المدة بتنقيص الحمية وممارسة الرياضة في آن واحد .)
وإذا لم تكن ممن يعرف الحساب فيمكنك اتباع قاعدة بسيطة تقول :
لا تأكل حتى تجوع ، وإذا أكلت فلا تشبع . هكذا قال أحد علماء التغذية الأمريكيين ( لست أدري إن استنبطها من علومه أم من الحديث الشريف) .
وتجنب الدسم في طعامك إلاَّ بمقدار ملعقتي زيت زيتون وأثر سمن حيواني لجعل الطعام مستساغ الطعم .
ولا تأكل وجبات صغيرة Snacks بين الوجبات الرئيسة ،
ولا تشرب الكحول ،
ومارس الرياضة المتوسطة كل يوم كالمشي السريع والهرولة مدة ربع ساعة أو أكثر حسب التحمل .
ولْـتَعلم أنَّ مفتاح خسارة الوزن هو الوجبة الناقصة الدسم .
و عليك بالخضار والفواكه والحبوب الكاملة ، وأما الحليب ومشتقاته فيجب أن تكون ناقصة (أو معدومة ) الدسم .
وأما الشطر الثاني اللازم لحرق الزائد من الدهون المترسبة في الجسم فيتمثل بالقيام بنشاط رياضي متوسط الشدة رافع للاستقلاب .. وعلامته ازدياد التعرق وسرعة القلب .
وأفضل هذه التمارين المشي السريع مدة ربع ساعة أو أكثر والهرولة والتمارين السويدية ..
وأما إنقاص الوزن بحسب برامج الشركات التجارية فيعتمد على تحديد الحمية بـ 1000- 1500 ك.كالوري يومياً ، وذلك باستعمال أغذية خاصة ضمن معلبات سائلة ، مع ممارسة التمارين .
والحقيقة أنه لا يسمح حالياً بإنقاص الطاقة اليومية عن 1300 ك.كالوري لازدياد الأخطار المترتبة على ذلك كحدوث الموت المفاجئ ( نتيجة توقف القلب المفاجئ ) .
أو حصيات المرارة أو هجمات نقرس ( نتيجة الارتفاع الحاد لحمض البول ) .
والشدات النفسية ..
وعلى أية حال فقد تبين أنَّ انخفاض الوزن لا يستمر بثبات وفق هذا النموذج من الحميات لأنه لا يُنَظَّم وفق برنامج غذائي طبيعي مبرمج على زمن طويل يرسخ الحمية السليمة كعادة عند البدين . فخلال فترة ما ( قصيرة أو طويلة ) يعود الوزن إلى ما كان عليه .
وفي الحقيقة يجب عدم اتباع برنامج الحميات السائلة إلاَّ في حالات الاضطرار إلى تخفيض الوزن بسرعة ، كضرورة إجراء عمليات جراحية كبيرة خلال مدة وجيزة ، أو في حالات توقف التنفس أثناء النوم كما في حالات البدانة المفرطة (متلازمة بيكويك ) ، وفي بدايات حدوث الداء السكري الكهلي عند البدينين ، أو فرط الضغط الذي يصعب السيطرة عليه ..
ملاحظة (1) : إذا حدثت البدانة بعد سن 25 سنة فإنها تكون نتيجة تجمع الدهون في الخلايا الشحمية ، وخاصة في البطن (تسبب الكرش) . وهي بدانة يمكن السيطرة عليها بالرياضة والحمية المناسبة .
وأما البدانة التي تحدث في الصغر وفي فترة المراهقة فتنجم عن تكاثر الخلايا الغنية بالدهن ، ولذلك يكون السيطرة عليها صعباً ، وقد تحتاج للعمل الجراحي أو عمليات التخلية والسحب (الشفط)
ملاحظات (2) هامة حول بدانة الأطفال :
لقد تبين أنَّ أخطر سن للبدانة عند الأطفال هي ما بعد الفطام (2 - 3 سنوات ) وفي بواكير اليفع والمراهقة ( 11 - 15 سنة ) ففي هاتين المرحلتين تكون البدانة على حساب تكاثر الخلايا الدهنية - وليس ارتشاح الدهن فيها - فيزداد عددها ، وهذا يعني أنَّ البدانة ستكون معممة وصعبة الضبط في المستقبل . ولذلك يجب أنْ تحرص الأم على أن تراقب طعام طفلها خلال هذه الفترة لتضبط وزنه ضمن الحدود الطبيعية .
وأما البدانة التي تتشكل بعد سن الخامسة والعشرين فإنها تكون مركزية ،
( أكثرها في البطن ) وتنجم عن ارتشاح الدهون في الخلايا - وليست على حساب تكاثر الخلايا - وهي التي يمكن السيطرة عليها بحيث يعود الوزن إلى الطبيعي بالتعاون بين الطبيب ومريضه .
البدانة والأدوية :
لم يعد ينصح حالياً باستعمال الأدوية الكيماوية لتخفيض الوزن عن طريق تقليل الشهية كالأمفيتامين ، ورافعات الاستقلاب كهرمون الدرق ( التيروكسين ) ، والمدرات لإنقاص الكتلة الحجمية ..كما لا ينصح بحمامات الساونا التي تعتمد على إحداث التعرق الغزير ورفع الاستقلاب لما في جميع ذلك من مخاطر من جهة والعودة إلى زيادة الوزن خلال فترة وجيزة من جهة أخرى ..وهناك تجارب حالية حول بعض الأدوية المشتقة من مضاد التحسس وهو السيبروهيبتادين (فاتح الشهية) التي ستنزل للأسواق وهي قاطعة للشهية دون أي ضرر عصبي .
يجب أن نعلم بأن البدانة سبب أو عامل في حدوث :
1- التصلبات الوعائية وما ينجم عنها من احتشاءات (قلبية أو دماغية)
2- الداء السكري عند البدينين .
3- فرط الضغط الدموي .
4- الإصابات المفصلية التنكسية وآلامها وطقطقتها .
5- اضطرابات تنفسية (كاللهاث أو توقف التنفس عند النوم)
6- جلدية (الفزر الجلدية أو الخطوط الحمراء )
ولذلك يجب التخلص منها وجعل الجسم متخلصاً من الدهون والشحوم الزائدة قدر الإمكان .
منقول الدكتور الدين الجماس