عالم تلوين الشعر عبر العصور
منذ الأزل، اعتبر شعر المرأة رمز أنوثتها وعنوان جمالها. وفي العصور القديمة، كانت المرأة تقضي ساعات طويلة وهي تضع الصبغات البدائية والمركبات العشبية لتحظى بشعر جميل آخاذ
ويعتقد المؤرخون أن سكان الكهوف استخدموا النباتات والحشرات والمعادن لتلوين أجسامهم وشعرهم في مختلف المناسبات إذ استعملوا الصبغات الملونة للزينة أو للحرب رغم أنه لم يتم اكتشاف مكونات أول الصبغات التي استخدمها الإنسان البدائي. وفي عام 27 قبل الميلاد (قبل ظهور الشعر الأصهب) كان الغاليون (الفرنسيون) يلونون شعرهم باللون الأحمر للدلالة على الطبقة الإجتماعية التي ينتمون إليها. ولكن النظرة اختلفت في العصور المختلفة، إذ ترافق اللون الأحمر مع السحر والشعوذة. وقد يعود السبب إلى أن أول ظهور موثق للشعر الأحمر الطبيعي الناتج عن طفرة وراثية كان في اسكلندة وقتئذ.
وأعادت الملكة إليزابيت للون الأحمر مكانته المميزة في التاريخ بعدما حاول الكثيرون تقليد خصلات شعرها الحمراء تشبهاً بالعائلة المالكة. واليوم تحمل الأميرة فيرجي لواء الشعر الأحمر في العائلة المالكة. أما الشعر الأشقر، فلطالما اعتبر شعر المرأة المفضل عند الرجل. ونص القانون الروماني على وجوب صبغ "فتيات الليل" شعرهن باللون الأصفر أو الأشقر. وقد يعود سبب ذلك إلى اعتقادهم بأن الفتيات الشقراوات أكثر طلباً للمرح والمتعة. وفي عصر النهضة، فضلت السيدات أن يحصلن على خصلات من الشعر الأشقر الذهبي الذي كان يعتبر ملائكياً في تلك الفترة. وكن يقمن بتحسينه عن طريق خلط الكبريت الأسود والألوم والعسل ووضع هذا الخليط على الشعر وتعريضه إلى أشعة الشمس التي تساعدهن في الحصول على اللون المطلوب. وبعد عدة قرون عندما تم تطوير المركبات المشقرة، اختفت الصورة الملائكية التي رافقت المرأة الشقراء إذ ساهمت شقراوات هوليوود الفاتنات في خلق صورة مغايرة وهي صورة "الفتاة اللعوب" الجذابة والمثيرة.
ولم تحظ السمراوات اللواتي يشكلن أكثر من 60% من السكان بأية سمعة أو اهتمام مثل ذلك الذي حصلت عليه الشقروات وصاحبات الشعر الأحمر. وتتمتع السمراوات بتنوع كبير في ألوان
الشعر حيث كانت صبغات الشعر القديمة تعمل على تغميق لون الشعر لا تفتيحه. ولأن الغالبية العظمى من الآسيويين والأمريكيين والأفريقيين هم أصحاب البشرة السمراء، كان ينظر إلى الجمال الأوروبي على أنه غريب ومختلف.
مركبات تلوين الشعر
على الرغم من أن تاريخ تلوين الشعر عبر العصور قد اتسم بالغرابة والطرافة، إلا أنه يساعدنا في فهم الأسباب التي تقودنا إلى اختيار لون معين ويبين الدوافع الإجتماعية والثقافية التي تكمن خلف انتقاء هذا اللون.
ومع التغير المستمر لمركبات تلوين الشعر، تتغير مواقف الناس وانطباعتهم عن تلوين الشعر. وكانت الحنة المصرية وخليط النباتات والحشرات أول ملونات للشعر في التاريخ. وبقيت المكونات النباتية على الرغم من محدوديتها المصدر الأساسي لجميع ملونات الشعر حتى القرن التاسع عشر.
وفي القرن التاسع عشر، بدأ الرجال باستخدام نترات الفضة لتغميق الشوارب. وفي عام 1825، تم تطوير أول صبغة حقيقية للشعر. وكان الماء الإغريقي المعد من خليط الماء المقطر ونترات الفضة والماء الصمغي شائع الاستخدام حتى تم اكتشاف أن استخدامه المتكرر يحول الشعر إلى اللون البنفسجي. وبما أن التاريخ يعيد نفسه، فإن الشعر اليوم يصطبغ بلون أخضر خفيف عندما تتأكسد منتجات "تغطية الشعر الأبيض" التي تحوي على أملاح معدنية على الشعر. وفي 1859، قام طالب ألماني بتخفيف قطران الفحم بواسطة الكحول لينتج عن صباغ بنفسجي. قاد هذا الإنجاز إلى تصنيع أول صبغة اصطناعية لتلوين الأقمشة والشعر. واستمرت الأصبغة حتى القرن العشرين تصنع من مركبات مشتقة من منتجات بترولية.
وسرعان ماظهرت صبغات تلوين الشعر العصرية المستخدمة اليوم والتي تمنح الشعر مظهراً طبيعياً رائعاً لتغير كلياً من نظرة الناس إلى ملونات الشعر وإلى النسوة اللواتي يستخدمنها.
تلوين الشعر بثقة
عادت الحنة بقوة في عشرينيات القرن الماضي لتكون طريقة التلوين المفضلة. وشهدت فترة الثلاثينات تراجعاً في تلوين الشعر. وبقيت الصبغات في تلك الفترة تلون الشعر بألوان داكنة. بينما كان تفتيح لون الشعر يتطلب تشقيراً قويا ومؤذياً للشعر. بعد ذلك، وفي عام 1950، حدث أول إنجاز حقيقي مع ظهور أول مستحضر يقوم بتفتيح لون الشعر دون اللجوء إلى التشقير. وأطلقت ويلاّ Koleston 2000 أول كريم تلوين في العالم. ومع هذا الاكتشاف المذهل، دخل تلوين الشعر حقبة جديدة كلياً.
وفي الخمسينيات، شاع استخدام بخاخات اللون بشكل كبير. وشهدت الستينيات إطلاق الشامبوهات الملونة للشعر. وعادت الحنة من جديد لتكون طريقة التلوين المفضلة. ومع بداية الثمانينات، أصبح بإمكان المرأة الإختيار بين تلوين مؤقت أو دائم أو شبه دائم للشعر.
واليوم، تجري المختبرات في العالم أبحاثاً ودراسات عن إمكانية تلوين الشعر بإستخدام الليزر. ورغم قدرة أشعة الليزر على تفتيح لون الشعر في جزء من الثانية، إلا أن هذه العملية ما زالت تسلتزم سيطرة وتحكماً دقيقاً. فقد تتسبب أشعة الليزر في تحول لون الشعر من الأسود إلى الأبيض (أو فقدانه) في غمضة عين.
وأمام كل هذه الخيارات الحديثة، فإن السؤال الذي يواجه كل سيدة هو "ما هو الأفضل لي؟" وقبل الإجابة عن هذا السؤال، ضعي في إعتبارك أنك قد تنساقين وراء اختيار لون شعر لطالما رغبت به إلا أن عليك التروي واختيار لون يتناسب مع لون عينيك ويتناغم مع بشرتك. وبشكل عام، فإن ذوي البشرة البيضاء تناسبهم الألوان الدافئة والباردة. أما أصحاب البشرة الذهبية الدافئة، فتمنحهم ألوان الشعر الدافئة مظهراً طبيعياً جميلاً مثل الأشقر الذهبي والأسمر اللماع والأحمر. ويمكن لأي تلوين أن يكون بارداً أو دافئاً حسب اللون الأساسي للشعر.
تريدين مظهراّ طبيعياّ
إذا كنت تفضلين مظهراً طبيعياً، فلاتبتعدي عن درجات لون شعرك الطبيعي. (يشير مصففو الشعر إلى درجات اللون على أنها مستويات تمتد من 1 للأسود إلى 10 للأشقر المصفر.) يمكنك تفتيح شعرك أو تغميقه لجعله ذهبياً أكثر أو أشد إحمراراً. في جميع الأحوال، تجنبي تلوين شعرك البني الغامق بلون أحمر قوي فذلك يتطلب الكثير من (الجرأة والمغامرة).
تلوين الشعر في المنزل
وبالنسبة إلى أنواع الصبغات، فهناك الصبغات المؤقتة التي تختفي تماماً عند غسل الشعر والصبغات شبه الدائمة التي تزول ببطء في فترة أربعة إلى ستة أسابيع. وهناك الصبغات الدائمة التي تبقى من ستة إلى ثمانية أسابيع.
مهما كان اللون الذي اخترته، قومي باستخدام الشامبو والبلسم المنشط للحفاظ على اللون الجديد لأطول فترة ممكنة. كما ننصحك بقراءة التعليمات بدقة. وإن كنت تشكين بنتيجة الصبغة، جربيها أولاً على خصلة صغيرة من شعرك.
بات تغيير لون الشعر هذه الأيام أمراً في منتهى السهولة. بل إنه في كثير من الأحيان أكثر سهولة من وضع مكياجك. فالمنتجات اليوم أصبحت لطيفة على الشعر وسهلة الاستخدام حيث توفر الإرشادات المبسطة شرحاً سهلاً يضمن تحقيق أفضل نتائج لتلوين الشعر. لكن الخيارات المتنوعة وسهولة الاستخدام ماهي إلا بعض من مميزات تلوين الشعر في المنزل. ترغب العديد من النساء اليوم بصبغ شعرهن في المنزل لأنه أكثر ملائمة لهن.
فهن لن يقلقن بعد الآن حول حجز موعد لزيارة صالون التجميل. ومع وجود هذه المنتجات المتنوعة، أصبح بإمكان المرأة الآن تلوين شعرها بنفسها في الوقت الذي تشاء وبكل سهولة وراحة في منزلها. ولكن الميزة الحقيقية في تلوين الشعر في المنزل تكمن في التكلفة التي تعد أرخص إذا ماقورنت بتلك التي تجري في صالون التجميل. كما يمكن أن يكون تلوين الشعر في المنزل عملية ممتعة للغاية إذا دعيت إحدى صديقاتك لمساعدتك في صبغ شعرك ومشاركتك هذه التجربة المميزة.
ومع جميع هذه المزايا، فإن تلوين الشعر في المنزل أصبح أكثر شيوعاً بوجود خيارات متنوعة من الألوان والمنتجات التي تجعل الأمر في منتهى السهولة واليسر. وتتوافر اليوم جميع طرق تلوين الشعر سواء تلك التي تمنحك تلويناً مؤقتاً يزول مع غسل الشعر، أو تلك شبه الدائمة التي يتلاشى فيها اللون تدريجياً في أربعة إلى ستة أسابيع أو الألوان الدائمة التي تدوم لفترة تتراوح من ستة إلى ثمانية أسابيع
ورغم التطور الهائل والمستمر في مجال تلوين الشعر، فالحقيقة التي لن تتغير هي أن شعر المرأة سيبقى دائماً عنوان شخصيتها ورمز أنوثتها. ويلاّ تدعوك إلى اكتشاف المزيد في عالم تلوين الشعر مع منتجاتها المخصصة للعناية بالشعر في نشراتها القادمة.